تقرير حول الملتقى الدولي الأول حول التطوير البرلماني في الدول المغاربية
من إعداد الطالب : جلول سيبوكر
طالب بكلية الحقوق - ورقلة -
المداخلة الثانية بعنوان أفاق التطوير البلماني في الدول المغاؤبية رؤية إستشرافية للتحول للأستاذ ميلاد مفتاح الحراثي من جامعة بنغازي.
عرف ظهور النظام البرلماني عبر التاريخ السياسي ابتداءا من التجربة البريطانية من خلال القرن 17 وكان لهذا التطور بزوغ مفهوم المؤسسة التشريعية باعتبارها الجهاز الذي يجسد مشاركة المواطن في تسيير و تنظيم الحياة السياسية، و كذلك حتى تعاد المشروعية للمواطن، نظرا لكونه يعتبر الأصل و الطرف الأصيل في امتلاك السلطة.
ومن طبيعة الحال فمن خلال هذا التطور الذي عرفه المشهد النيابي عبر التاريخ السياسي، أصبح المواطن يحرص على تنفيذ السياسة التي من شأنها أن تستجيب لانتضاراته و ذلك من خلا ل ممثليه في المجالس النيابية، وكان لهذا التطور ما يبرره على أرض الواقع خصوصا مع سيطرة الاتجاه المؤيد للحركة الليبرالية بمفهوم الديمقراطية نتيجة سقوط المعسكر الاشتراكي بقيادة الإتحاد السوفياتي، وامتد هذا المد ليشمل مختلف الدول النامية أو التي عرفت موجه التحرير و الحصول على الاستقلال حتى أصبحت الدول بمختلف أنظمتها (إمبراطورية ، ملكية، جمهورية) تسعى إلى التماثل مع هذه الموجة من التحول الذي أصبح تعنى بإعطاء الاهتمام بالدرجة الأولى إلى المواطن عن طريق مشاركته في اختيار مسؤوليه بالانتخاب، و بالتالي فان ظهور المؤسسة التشريعية كان نتيجة لهذا التحول الذي أصبح يعطي للمواطن الصلاحيات الواسعة في اتخاض ما يراه مناسبا فيما يتعلق بالسياسات العمومية سواء عن ممارسته للوظيفة التشريعية أو الرقابية.
و امتدت هذه الموجة العالمية لتشمل الدولة المغربية، على اعتبار أن المغرب كذلك كان يسعى جاهدا ومند الوهلة الأولى إلى قتل الصراع الذي كان سينشعل جراء إقصاء نواب يمثلون ويتحدون باسم الشعب. و لهذا نسجل أنه منذ ظهور أول دستور بالمملكة نص صراحة على أن "السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء وبصفة غير مباشرة على يد المؤسسات الدستورية" الشيء الذي يؤكد أن النظام السياسي المغربي كان على وعي بأهمية هذا التنصيص ، والذي من شأنه أن يغيب بعض الآراء التي كانت ستدعي أن المغرب بلد غير ديمقراطي ، ومن جهة أخرى، فمادامت الديمقراطية ترتكز على الانتخابات كوسيلة للمشاركة و الاختيار ، وعدم مشروعية نظام الحزب الوحيد ، مؤشرين يمكن من خلالهما أن نقيس درجة دمقرطة الدولة ، فإن المغرب كذالك في هذا الباب حاول السير في الطريق نحو إقامة دولة ديمقراطية عن طريق التأكيد على أن الحزب الوحيد هو نظام غير مشروع ، وأن أعضاء البرلمان يستمدون نيابتهم من الأمة عن طريق التصويت.
المداخلة الرابعة بعنوان الوظيفة التشريعية للبرلمان المغربي قراءات في الاختصاصات ونظرات في المقاربات للأستاذ مساعد عبد القادر من جامعة عبد المالك السعدي
وعلى هذا الأساس امتد العمل النيابي في المغرب يمارس وظائفه على اعتبار أنه سلطة مستقلة وذلك بنص دستوري صريح. وذلك من خلال محددات العمل البرلماني، والتي تتمثل أساسا في :
- الدور التمثيلي : حيث إن اعتبار المنتخبين ممثلين للأمة يحدد بالأساس إلى كون أن العمل البرلماني يعتمد على علاقة المواطن بالحكومة ، وبالتالي فإن تمرير المطالب الشعبية في شكل موحد و قالب سياسي يستوجب في البداية اعتماد مبدأ التمثيل ، وتدعيم المشاركة من خلال حصر مجالات التدخل الإيجابي للمواطن.
دور الوساطة : حيث إن عمل النائب البرلماني يعود في الأصل، ويرتكز بداية على وجود مواطنين يشكلون في الغالب دائرة انتخابية تبرز نائب، وصوت واحد يقوم بدور الوساطة للتعبير عن المشاكل ، ومحاولة تجسيد وطرح مطالب و انتظارات المواطن فيما يخص الجانب الاجتماعي والاقتصادي.
-الوظيفة الرقابية : يتجسد دور البرلمان داخل الكشكول النيابي في مد الرقابة الشعبية إلى الحكومة عن طريق مراقبة الحكومة في كل تحركاتها وبرامجها ، و محاولة جعل سياستها تتقاطع مع أهداف ومطالب الساكنة أو الدائرة التي يمثلها. وكذلك كسر بعض الخرجات أو الإنزلاقات التي تكون من طرف الحكومة ، وذلك في إطار الوصول إلى تحقيق شفافية في تدبير المال العام والسياسة العمومية الوطنية.
-الوظيفة التشريعية : إن البرلمان باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل في مجال المبادرة و الممارسة التشريعية ، يرجع كأساس إلى كون أن مختلف القوانين لا يجب أن تجهد إدارة المواطن، و تضعف بالتالي وجوده و مبادرته، وذلك من خلال تمكينه من قول كلمة الفصل في مختلف التشريعات التي تعتزم الخروج إلى حيز الوجود حتى تنسجم مع قدراته المادية و ظروفه المعيشية.
وبما أن العمل التمثيلي بالمغرب يطغى عليه الجانب القانوني و العمل السياسي وذلك بالنظر إلى طبيعة ممارسة النائب البرلماني لعمله ، على أساس أن الجانب القانوني يتحدد أساسا في كون أن النص القانوني حاول جعل دائرة النائب البرلماني تتغير من التحرر إلى التقيد، ويتجلى هذا أساسا في كون أن المبادرة البرلمانية كي يكتب لها الخروج إلى حيز الوجود لابد لها من مساطر وإجراءات دائما تصطدم بجدارات من الإسمنت، تجعل مبادرتها إذا كانت لا تستجيب لرغبات الحكومة (السلطة التنفيذية) تولد ميتة، و كذلك هو الأمر بالنسبة للجانب السياسي حيث العبرة بالأغلبية، وبالتالي تبقى المعارضة حبيسة بعض الخرجات التي لاتصل إلى مستوى التأثير على موقع و عمل الحكومة.
المداخلة الأولى بعنوان نحو تفعيل غرف التفكير لتحسين أداء المؤسسة التشريعية المغاربية للأستاذ صالح زياني من جامعة باتنة.
وعندما نحاول أن نحدد أسباب ضعف الجهاز التشريعي، يمكن إرجاعه إلى عاملين:
+العامل الأول: قانوني، حيث نجد أن الدستور قلص من مجالات تدخل البرلمان في الحياة السياسية، وذلك عندما سمح للسلطة التنفيذية بالتدخل فيما هو من اختصاص السلطة التشريعية، ومدد هذه الهيمنة عندما نص صراحة و بشكل محدد أنواع المجالات التي لا يشملها اختصاص القانون (البرلمان) فهي من اختصاص المجال التنظيمي (السلطة التنفيذية) ، ولا ينحصر الأمر عند هذا الحد، بل إن ارتأى المجال التنظيمي أن هناك نصوص تشريعية تدخل في مجاله، فإنه يتوجه إلى المجلس الدستوري ( هناك مجموعة من الأساتذة و الباحثين يؤكدون أن عمل المجلس الدستوري سياسيا وليس قضائيا وذلك عندما يصفونه بالفاعل السياسي ويعزرون هذا الموقف بإشارتهم إلى طريقة التكوين) لتغييره بمرسوم.
و بالتالي يتضح المجالات المتعددة التي سمح الدستور للمجال التنظيمي التدخل فيها مقابل تقييد المجال التشريعي، وهذا من طبيعة الحال ينعكس سلبا على المبادرة البرلمانية.
+ العامل الثاني : متعلق بالتكوين ، بالرغم من ضعف المجال المخصص دستوريا للمبادرة البرلمانية ، فإنه يلاحظ أن عمل النائب البرلماني يظل محدودا وباهتا، وهذا راجع أولاً إلى طبيعة المنتوج التشريعي الذي تهيمن في إطاره السلطة التنفيذية وطبيعي أن يعرف النشاط البرلماني هذا الضعف لأن الأحزاب السياسية لا تحتاج إلى علماء السياسة بقدر ما هي محتاجة إلى أشخاص بارغماتيين لاستقطاب الأصوات وهذا ما ينعكس كذلك على الخريطة التمثيلية داخل البرلمان.
ومنه فإن الاستنتاج الذي يطرح نفسه انطلاقا مما سبق،هو أن البرلمان المغربي يعرف ضعفا في عمله حتى داخل المجال المخصص له دستوريا ، هذا ما دفع مجموعة من الباحثين والمتخصصين في المجال، إلى النداء من أجل ضرورة ربط العلاقة المنعدمة بين المؤسسة التشريعية والمؤسسة الجامعية، وذالك من أجل تحقيق ما من شأنه أن يعيد الحياة والروح للعمل البرلماني والذي ما فتئت صورته تندثر يوميا بعد آخر. وإن من إيجابيات هذا الانفتاح على المؤسسة الجامعية أن يساهم لا محال في تفعيل بعض القوانين التي تبقى حبيسة الأوراق، وذلك عندما يستدعي الأمر هذا التفعيل، وسيجعل المؤسسة التشريعية أكثر تواصلا من الرأي العام، وذلك من خلال تزويدها بمختلف القضايا الحساسة والآنية التي تستوجب الاهتمام الحكومي.